من الواضح اليوم تبنِّي الدولة في رؤية 2030 لخيار الخصخصة كأحد خياراتها وبرامجها الاستراتيجية المستدامة وذلك للبعد عن تقلبات سعر النفط وتقلب الأسواق العالمية، ولكني أَجِد أن الخصخصة - معادلة خطيرة إذا لم نحسن إدارتها حيث إنها بكل سهولة قد تحول الدولة في يوم من الأيام إلى منافس قوي للقطاع الخاص!. والسؤال هنا يطرح نفسه، من يعمل لمن؟
منذ 30 عاما ونحن نعيش واقعا تصدرت فيه ظاهرة تأسيس شركات تابعة للدولة كالشركة السعودية للفنادق والشركة العقارية السعودية وشركة سابك وغيرها، وهي شركات أسستها الدولة وطرحت للاكتتاب العام، لكن ظل تأثير الدولة في الإدارة عبر ممثليها في مجالس الإدارة واقعا ملموسا باستثناء شركة سابك، إلا أن «معظم الشركات الأخرى لم تحقق الدور المأمول ولا الجدوى الاستثمارية المتوقعة من تأسيسها، ولم تتمكن حتى من خلق بدائل وفرص استثمارية لاستيعاب السيولة الاستثمارية لدى أفراد المجتمع. والأهم من ذلك أنها شكلت تهديدا تنافسيا للمستثمرين في القطاع الخاص من دخول هذه القطاعات، الأمر الذي أخر إقدامهم على تبني مبادرات استثمارية مؤسسية في قطاعات اقتصادية حيوية مثل الفندقة والاستثمار العقاري وغيرها الكثير».
ثم انتقلنا إلى حقبة أخرى من الحلول أو (الهروب) وهي ظاهرة تأسيس الشركات التابعة للدولة كوسيلة للخروج عن العوائق البيروقراطية التي تفرضها أنظمة الدولة نفسها! بما فيها أنظمة المشتريات الحكومية والخدمة المدنية لتصبح هذه الشركات الحكومية اليوم قادرة على استقطاب كفاءات سعودية وغير سعودية برواتب أعلى من تلك التي يسمح بها كادر الخدمة المدنية، وبمكاتب تشبه مكاتب جوجل وأمازون... وهي قادرة اليوم على طرح منافسات خارج تعقيدات نظام المشتريات الحكومية. لكن الواقع فرض على هذه الشركات تنمية مواردها الذاتية، وأصبح كثير منها بالتالي يعمد إلى الفوز بعقود وسيطة لتحقيق موارد تغطي بها نفقاتها وبرامجها، وأصبحت بالتالي منافسة للقطاع الخاص في صلب أعماله.
«الجديد الملاحظ مؤخرا هو حديث بعض الجهات الحكومية عن تأسيس شركات تابعة لها للقيام بكل أو بعض مهامها الأساسية أو المساندة. شركة تطوير التعليم كانت النموذج الأول لهذه الشركات الحكومية، وهناك أيضا حديث عن تأسيس شركة تطوير عقاري تابعة لوزارة الإسكان، وشركة للتشغيل الطبي تابعة لوزارة الصحة. بل إن بعض الجهات الحكومية تسعى إلى تأسيس شركات خدمية تابعة لها، حيث تعمل وزارة الشؤون البلدية والقروية على تأسيس شركة استشارات هندسية تابعة لها، وتقترب الشركة السعودية للكهرباء، وهي شركة مساهمة تملك الدولة فيها حصة الأغلبية، من تأسيس شركة استشارات هندسية بالشراكة مع شركة عالمية لتنفيذ الأعمال الهندسية الخاصة بالشركة، بما يعني إخراج جميع الشركات الهندسية الخاصة الأخرى من دائرة المنافسة على مشروعات الشركة» *خالد العثمان.
أخيرا، بتصريح لرئيس شركة الاستثمار والتطوير الأستاذ عبدالله الداود أكد من خلاله أن الدولة بصدد استثمار أكثر من 30 مليار ريال لمشاريع مختلفة، وهي برأيي المتواضع من اختصاص القطاع الخاص، وما يقلق هنا هو أن تستمر عملية الهدم الحاصلة بحق القطاع الخاص على مدى ثلاث سنوات متواصلة بحجة تغيير جلده...، فهل يمكن أن يبنى اقتصاد حقيقي بقطاع خاص مرتبك مهزوز؟ واقع أصبح اليوم ملتبسا يتوغل ويتوسع في المنافسة بين الدولة والتجار ويتعارض مع توجهات رؤية المملكة 2030 التي هدفت لتفعيل دور القطاع الخاص في التنمية مما زاد من شرخ الثقة بين القطاعين العام والخاص... بين قطاع الدولة الأقوى والقطاع الخاص المحتضر.
* كاتبة سعودية
WwaaffaaA@
منذ 30 عاما ونحن نعيش واقعا تصدرت فيه ظاهرة تأسيس شركات تابعة للدولة كالشركة السعودية للفنادق والشركة العقارية السعودية وشركة سابك وغيرها، وهي شركات أسستها الدولة وطرحت للاكتتاب العام، لكن ظل تأثير الدولة في الإدارة عبر ممثليها في مجالس الإدارة واقعا ملموسا باستثناء شركة سابك، إلا أن «معظم الشركات الأخرى لم تحقق الدور المأمول ولا الجدوى الاستثمارية المتوقعة من تأسيسها، ولم تتمكن حتى من خلق بدائل وفرص استثمارية لاستيعاب السيولة الاستثمارية لدى أفراد المجتمع. والأهم من ذلك أنها شكلت تهديدا تنافسيا للمستثمرين في القطاع الخاص من دخول هذه القطاعات، الأمر الذي أخر إقدامهم على تبني مبادرات استثمارية مؤسسية في قطاعات اقتصادية حيوية مثل الفندقة والاستثمار العقاري وغيرها الكثير».
ثم انتقلنا إلى حقبة أخرى من الحلول أو (الهروب) وهي ظاهرة تأسيس الشركات التابعة للدولة كوسيلة للخروج عن العوائق البيروقراطية التي تفرضها أنظمة الدولة نفسها! بما فيها أنظمة المشتريات الحكومية والخدمة المدنية لتصبح هذه الشركات الحكومية اليوم قادرة على استقطاب كفاءات سعودية وغير سعودية برواتب أعلى من تلك التي يسمح بها كادر الخدمة المدنية، وبمكاتب تشبه مكاتب جوجل وأمازون... وهي قادرة اليوم على طرح منافسات خارج تعقيدات نظام المشتريات الحكومية. لكن الواقع فرض على هذه الشركات تنمية مواردها الذاتية، وأصبح كثير منها بالتالي يعمد إلى الفوز بعقود وسيطة لتحقيق موارد تغطي بها نفقاتها وبرامجها، وأصبحت بالتالي منافسة للقطاع الخاص في صلب أعماله.
«الجديد الملاحظ مؤخرا هو حديث بعض الجهات الحكومية عن تأسيس شركات تابعة لها للقيام بكل أو بعض مهامها الأساسية أو المساندة. شركة تطوير التعليم كانت النموذج الأول لهذه الشركات الحكومية، وهناك أيضا حديث عن تأسيس شركة تطوير عقاري تابعة لوزارة الإسكان، وشركة للتشغيل الطبي تابعة لوزارة الصحة. بل إن بعض الجهات الحكومية تسعى إلى تأسيس شركات خدمية تابعة لها، حيث تعمل وزارة الشؤون البلدية والقروية على تأسيس شركة استشارات هندسية تابعة لها، وتقترب الشركة السعودية للكهرباء، وهي شركة مساهمة تملك الدولة فيها حصة الأغلبية، من تأسيس شركة استشارات هندسية بالشراكة مع شركة عالمية لتنفيذ الأعمال الهندسية الخاصة بالشركة، بما يعني إخراج جميع الشركات الهندسية الخاصة الأخرى من دائرة المنافسة على مشروعات الشركة» *خالد العثمان.
أخيرا، بتصريح لرئيس شركة الاستثمار والتطوير الأستاذ عبدالله الداود أكد من خلاله أن الدولة بصدد استثمار أكثر من 30 مليار ريال لمشاريع مختلفة، وهي برأيي المتواضع من اختصاص القطاع الخاص، وما يقلق هنا هو أن تستمر عملية الهدم الحاصلة بحق القطاع الخاص على مدى ثلاث سنوات متواصلة بحجة تغيير جلده...، فهل يمكن أن يبنى اقتصاد حقيقي بقطاع خاص مرتبك مهزوز؟ واقع أصبح اليوم ملتبسا يتوغل ويتوسع في المنافسة بين الدولة والتجار ويتعارض مع توجهات رؤية المملكة 2030 التي هدفت لتفعيل دور القطاع الخاص في التنمية مما زاد من شرخ الثقة بين القطاعين العام والخاص... بين قطاع الدولة الأقوى والقطاع الخاص المحتضر.
* كاتبة سعودية
WwaaffaaA@